من هو الأعظم المسيح أم محمد؟
عبد المسيح
الفهرس
تمهيد
1 - السؤال المثير
2 - ولادة محمد والمسيح
3 - الوعود الإلهية عن محمد والمسيح
4 - براءة محمد والمسيح
5 - الوحي لمحمد والمسيح
6 - آيات محمد وآيات المسيح
7 - موت محمد وموت المسيح
8 - محمد والمسيح بعد موتهما
9 - سلام محمد وسلام المسيح
10 - آية الله
11 - رحمة الله
12 - من هو الأعظم?
مسابقة كتاب سؤال لا بد من جوابه
الخاتمة:
تمهيد
نعيش في عصر السرعة حيث قربت الطائرات السريعة القارات البعيدة. وتحرك فيضان الكتب وبرامج التلفزيون قلوب الشعوب وتختلط القبائل والأجناس تلقائياً. وتطفو الأسئلة وتدور الأبحاث. فينبغي على الجميع أن يتساءلوا: ما هو الحق الأزلي? وما هي الأفكار البناءة التي نقبلها بضمير صالح وبدون اشمئزاز? فكل من يتعلم الاستماع والإصغاء لآراء الآخرين يكتسب أفقاً أوسع من محيطه المحدود.
أصغى المساجين في غرفة السجن بصمت إلى كلمات خادم الرب. ونظر البعض إليه بغضب وأبرقت من أعينهم البغضة والحقد? بينما كان الآخرون منذهلين ومندهشين. وأما الأقلية ففرحت بجوابه واستخلصت من كلامه رجاء وتعزية. وقال خطيب الجماعة لخادم الرب: قد رأينا أنك مستقيم? وقلت لنا جهراً أفكار قلبك ولم تخدعنا. سوف نفكر بكلامك? ونقارن أقوالك بالقرآن والحديث? ونجيبك جواباً قاطعاً. لا نوافق على كلامك بل نطلب منك استمرارية المباحثة حتى تستمع إلى ما نقوله نحن أيضاً.
لن نلمسك ولا نضرك رغم أن بعضاً منا مغتاظين جداً من كلامك? لأننا وعدناك بالأمن وطلبنا منك أن تتكلم بما تريده. سوف نفتح الباب أمامك طالبين اليك العودة. قليلون من يقولوا الحق في الاستقامة والاحترام.
جاوبهم رجل الله: كل مَن مِن الحق? يسمع صوت الحق. والحق يحرره تحريراً. فإن أردتم أن تعرفوا الحق الكامل عن المسيح ومحمد فأتكلم لكم من الإنجيل بصراحة أكثر. فكل من لا يملك منكم الإنجيل الشريف? ويريد أن يقرأ فيه? فأقدم له نسخة هدية لكي يتأمل في الحق الكامل.
وبعد هذا الكلام قام من وسطهم. ولم يمنعه أحد بل فتحوا الباب وسمحوا له بالخروج. أما الأبحاث فتهيجت في هذه الزنزانة واستمرت إلى الليل. وأما خادم الرب فشكر ربّه الحي لأنه أوْكله أن يبرز الحق حسب معرفته من القرآن والحديث ومن غنى التوراة والإنجيل.
أرسل أجوبتك أواعتراضاتك مع أسئلتك واقتراحاتك إلى عنواننا:
1 - السؤال المثير
اعتاد أحد خدام الرب زيارة السجون في إحدى البلدان العربية? ليُعلن طريق الحياة للمساجين. وكان يحصل على رخصة رسمية من دوائر الحكومة لزيارة كل من يُريد أن يسمع بشارة الحق والسلام التي تطهّر القلوب وتغيّر الأذهان. وكان خادم الرب هذا يدخل الزنزانة بدون مرافقة حارس? رافضاً الحراسة ومتأكداً أن البحث الصريح لا يجري مع المسجونين تحت المراقبة? فكان يتقدم منفرداً إلى غرف المجرمين ويجلس معهم.
دخل مرة إلى جماعة من السجناء محكوم عليهم بالسجن أكثر من عشر سنوات. وكانوا قد عرفوه من زياراته السابقة? وتعوّدوا أن يستمعوا إلى إرشاداته للحق وبشرى الخلاص. وكانوا يتباحثون بعد خروجه حول خطاباته بشدة وحماس لا نظير لهما.
لما دخل هذه المرة إلى زنزانتهم أقفلوا فوراً الباب وراءه قائلين له: إنك لن تخرج من هذه الغرفة إلا إذا جاوبتنا جواباً قاطعاً وصريحاً على سؤالنا. فردّ خادم الرب عليهم قائلاً: إنّي آتي إليكم طوعاً وبدون حارس مسلح? وأقدم لكم أجوبة من كلمة الله بقدر إمكانياتي. وما لا أعرفه لا أقوله. فأجابوه: لا ننتظر منك أسراراً عن النجوم ولا أساليب السحر بل نطلب منك? كرجل دين? جواباً قاطعاً ونهائياً على السؤال المتداول بيننا: من هو الأعظم? محمد أم المسيح؟.
لما سمع خادم الرب هذا السؤال? قال في نفسه وهو في حيرة: إن قلت إنّ محمداً هو الأعظم يهاجمني السجناء المسيحيون? لأنّ الجالسين في هذه الزنزانة كانوا مجرمين وبلا ضمير. وإن قلت إن المسيح هو الأعظم لربما يقوم أحد المسلمين عليّ ويكسر رقبتي من شدة غيظه? علماً أن كل من يهين محمداً أو يشتمه يُعتبر عند بعض المسلمين مجدّفاً يستحق الموت. فصلى خادم الرب في قلبه سائلاً ربه ليُلهمه الإجابة الحكيمة المقنعة لهؤلاء السجناء.
وكل من يسأل إرشاد الرب في الأوقات الحرجة ينل منه الجواب فوراً. فألهم الروح القدس هذا الخادم المتضايق? وهو خلف الباب المغلق? جواباً واضحاً قدمه بتواضع.
ولما تباطأ خادم الرب أثناء صلاته الصامتة للإجابة على هذا السؤال? قال له المساجين: لا تتهرب من مسؤوليتك? ولا تكن جباناً? بل اعترف بالحق كله. فنتعهد لك بأن نتركك بلا إهانة ولا مضايقة مهما قلت لنا. فلا تكذب ولا تُخفِ أفكارك? بل أخبرنا بالحق الكامل.
فابتدأ رجل الله يقول: أنا مستعد أن أقول لكم الحق الصريح. إنما السؤال المطروح أمامي ليس هو الموضوع الذي أعددته لكم اليوم من الكتاب المقدس? ولكن إن صمّمتم على أن تسمعوا المقارنة بين محمد والمسيح فلا أُخفي عنكم الحقيقة. إنما لست مسؤولاً على ما ينتج عن شروحاتي بل أنتم المسؤولون? لأنكم تجبرونني على إجابة سؤال لم أطرحه وما نويته إطلاقاً.
فهذا هو ردّي: لا أقرر أنا من هو الأعظم بل أترك القرآن والحديث أن يُعطيَكم جواباً مقنعاً. تأملوا في القرآن بأعين الحق فتعرفوا الحق المخفيّ والحق يحرركم.
2 - ولادة محمد والمسيح
يعرف الجميع أن أبا محمد هو عبد الله وأمه هي آمنة. فكان محمد إنساناً حقاً من والد معروف وأم محترمة. لم يذكر القرآن ولا يقول علماء الإسلام إن محمداً وُلد بطريقة غير طبيعية. فلم تخلقه بشارة ملاك? ولا وُلد من كلمة الله. بل وُلد بطريقة طبيعية مثل باقي الناس من أبيه عبد الله وأمه آمنة.
ويخبرنا القرآن مراراً أن المسيح لم يولد بطريقة طبيعية كسائر البشر? ولم يكن أبوه بشراً. فوُلد من مريم العذراء? بدون تدخّل أي رجل? لأن الله نفخ من روحه فيها. فالمسيح هو الإنسان الوحيد الذي وُلد من روح الله - سورة النساء 4: 171 ? وسورة الأنبياء 21: 91 ? وسورة التحريم 66: 12 -.
ليس المسيح إذن إنساناً عادياً بل روح إلهي وبنفس الوقت جسد عادي? إذ وُلد من روح الله ومن مريم العذراء. لم يولد محمد من روح الله إنما وُلد من أب حق وأم حقة? فهو جسد عادي فقط لا روح إلهي.
3 - الوعود الإلهية عن محمد والمسيح
نقرأ في القرآن بخصوص المسيح أن الله بشرّ مريم العذراء أنه سيُولد المسيح منها. فالقرآن يقول: يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ - سورة آل عمران 3: 45 -. فالقدوس نفسه منح لمريم البشرى السّارة عن ولادة المسيح وسمّاه كلمة منه.
لقد استمع كل الأنبياء الصالحين إلى كلمة الله ونقلوها بإخلاص مهما كلّفهم الأمر. أما المسيح فلم يسمع الوحي? بل هو كلمة الله المتجسّد. وحلّ فيه سلطان الكلمة الإلهية بقوتها الخالقة الشافعة الغافرة المعزّية والمجدّدة. فلأجل ذلك أعلن الله مسبقاً ولادة المسيح لمريم العذارء شخصياً مؤكداً لها الأعجوبة العظمى.
لم نقرأ في القرآن عن محمد أنه كلمة الله المتجسد. إنما نقرأ أنه تلقى الوحي ونقله إلى مستمعيه? ولم يبشر الله أمه آمنة بشارة خاصة? ولم ينفخ روحه فيها. أما مريم العذراء فواجهها الملاك جبرائيل المرسل من الله فقبلت منه روح القدس. وأصبحت المختارة بين النساء كقول القرآن: يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ - سورة آل عمران 3: 42 - , وقد ورد اسمها في القرآن 34 مرة بينما لم يرد اسم أم محمد ولو مرة واحدة.
4 - براءة محمد والمسيح
لمّا كان محمد فتىً أتى إليه ملاكان وطهرا قلبه? وفي هذا يقول القرآن: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ - سورة الانشراح 94: 1-3 -. ومنذ ذلك الوقت أصبح له اللقب الشريف المصطفى فلم يكن صافياً وطاهراً في ذاته. إنما أخذ الملاكان الوزر من قلبه تطهيراً. لقد احتاج محمد إلى عملية جراحية للقلب لتنقية فؤاده قبل أن يصبح نبياً ورسولاً لله.
نقرأ عن ابن مريم في القرآن إنها ستلد غلاماً زكياً حسب الآية: أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً - سورة مريم 19: 19 -. وأجمع المفسرون العلماء مثل الطبري والبيضاوي والزمخشري أن كلمة زكياً تعني صافياً ونقياً وبلا خطية. فقبل ولادة المسيح أعلن الوحي أنه يولد طاهراً ويعيش بلا إثم. لم يكن محتاجاً إلى تطهير قلبه لأنه كان قدوساً أصلاً. ولم يستمع ابن مريم إلى كلمة الله فحسب? بل كان هو الكلمة ذاته. فلا فرق بين رسالته وسلوكه? إذ عاش ما قاله? وثبت بلا لوم وبدون خطية.
يشهد القرآن أن لكل الأنبياء والرسل خطايا معينة? ويذكر الأخطاء لبعضهم? ما عدا المسيح? فكان دائماً بريئاً وطاهراً. لقد حفظه روح الله منذ ولادته في القداسة الكاملة رغم طبيعته البشرية. فلم يسقط في التجربة لأنه كان روح الله المتجسد.
اعترف محمد شخصياً ثلاث مرات في القرآن بأن كان يجب عليه استغفار ربه. فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَار - غافر 40: 55 -. فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ واللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ - محمد 47: 19 -. وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرً ازَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهُ مَفْعُولاً - الأحزاب 33: 37 -. ويظهر أن أكثرية المسلمين يرفضون هذه الحقيقة ويؤولونها. إنما القرآن هنا واضح ويتكلم بصراحة.
كان محمد إنساناً طبيعياً مولوداً من والدين طبيعيّين? فعاش حياة الفِطرة? وأخطأ مثلنا واستغفر ربه عن ذنوبه وخطاياه. أما المسيح فوُلد من روح الله وهو كلمة الله المتجسِّد وعاش قدوساً وطاهراً منذ حداثته.
5 - الوحي لمحمد والمسيح
تلقى محمد الوحي بواسطة الملاك جبرائيل? الروح الأمين. ورد في الأحاديث الصحيحة أنه كان إذا نزل عليه الوحي يُغشى عليه? وفي رواية يصير كهيئة السكران يعني يقرب من حال المغشي عليه? لتغيّره عن حالته المعهودة تغيّراً شديداً? حتى تصير صورته صورة السكران. وقال علماء المسلمين إنه كان يُؤخذ من الدنيا. وعن أبي هريرة: كان محمد إذا نزل عليه الوحي استقبلته الرعدة وفي رواية كرب لذلك وتزبد له وجهه وغمّض عينيه? وربما غطّ كغطيط البكر. وعن عمر بن الخطاب: كان إذا نزل عليه الوحي يُسمع عند وجهه كدوي النحل. وسُئل محمد: كيف يأتيك الوحي? فقال: أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشدّ عليّ? فيُفصم عني وقد وعيت ما قال. وأجمع علماؤهم على أن محمداً كان يجد ثقلاً عند نزول الوحي? ويتحدر جبينه عرقاً في البرد كأنه الجُمان? وربما غط كغطيط البكر? محمرة عيناه. وعن زيد بن ثابت: كان إذا نزل الوحي على محمد ثقل لذلك? قال: ومرة وقع فخذه على فخذي? فو الله ما وجدت شيئاً أثقل من فخذ محمد. وربما أوحي إليه وهو على راحلته فترعد حتى يظن أن ذراعها ينقسم وربما بركت. فالله لم يكلم محمداً شخصياً? بل أوحى له بواسطة الملاك جبرائيل فقط. فكان الله بعيداً
عنه حتى أثناء الإيحاء.
لم يرسل الله الملاك جبرائيل إلى المسيح البتَّة. ولم يتقبل المسيح وحياً بواسطة شخص ثالث? لأنه كان نفسه قول الحق المتجسد - سورة مريم 19: 34 - ? وكلمة الله الأزلي? وروحاً منه? منبثقاً من الله نفسه عارفاً إرادته. فإن أراد أحد أن يتعمق في مشيئة الله? فليدرس سيرة المسيح لأنه كلمة الله القدير المتجسد.
يخبرنا القرآن أن الله ذاته علَّم المسيح قبل تجسده الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ والْحِكْمَةَ والتَّوْرَاةَ والْإِنْجِيلَ - آل عمران 3: 48 -. فلم يتكلم إلا بكلام الله. وكان ينطق حسب القرآن بالوحي فوراً بعد ولادته معزياً أمه ومرشداً إياها. فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَانِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً - سورة مريم 19: 24-26 -.
لقد تكلم المسيح حسب القرآن بكلمة الله وهو طفل? بغير حاجة إلى ملاك أو وسيط لأنه كان فم الله وروحه ووحيه شخصياً? لذلك عملت قوة الله في ابن مريم? ظاهرة في الخلق والشفاء والغفران والتعزية والتجديد.
إن خلاصة الوحي لمحمد في القرآن والحديث هي الشريعة التي تتضمن الأوامر والنواهي الإلهية. فوحي محمد أتى بكتاب: القرآن والشريعة.
أما خلاصة الوحي للمسيح فهي ذاته? لأن إنجيله ليس شريعة بل إعلان حياته وأقواله ووصف شخصيته. وقد منح المسيح أتباعه قوة روحه القدوس لإتمام وصاياه. فأتباع المسيح لا يؤمنون بالدرجة الأولى بكتاب ولا بدين? ولا يعيشون تحت الشريعة? بل يؤمنون بشخص فريد? ويتعلقون بالمسيح شخصياً ويتبعونه. فالمسيح هو وحي الله بالذات.
6 - آيات محمد وآيات المسيح
العجائب التي وهبها الله لمحمد هي آياته الفريدة في سور القرآن. فليس آيات محمد أعمالاً بل كلاماً.
ويشهد القرآن للمسيح بكلمات محدودة. إنما يبرز أعماله العجيبة وشفاءاته المتعددة. لم يلعن المسيح أعداءه? ولم يتصرف كجبار شقي? بل أظهر نفسه أنه ينبوع اللُّطف ومصدر المحبة والرحمة. وعظمت قوة الله فيه بآيات متعددة عجيبة.
الطبيب الأعظم المبارك
أ - لقد برهن القرآن أن المسيح شفى العمي بدون عملية جراحية وبلا أدوية? وأبرأهم بكلمته القوية? وتضمنت كلماته قوة شافية آنذاك وحتى اليوم. فالمسيح هو المبارك أينما يكون ومنبع البركة لجميع الناس في كل العصور - سورة آل عمران 3: 49 ? وسورة مريم 19: 31 -.
ب - لم يخفْ ابن مريم من الأبرص بل لمس جلده وشفاه بكلمة سلطانه? فالمسيح هو الطبيب الأعظم في كل أوان. أحب المساكين وقبل المرضى وخلق فيهم رجاءً وإيماناً بقدرته? وشفى كل مريض تقدم إليه.
محيي الموتى
ج - وأعظم عمل قام المسيح به هو إقامة الموتى المشهود له من الإنجيل والقرآن. لقد أقام ابن مريم طفلة صغيرة? وشاباً راشداً? ورجلاً بالغاً من الموت. فمن يقدر أن يقيم الأموات ويعيدهم إلى الحياة إلا الله?! فيجب علينا إدراك عمق هذا المعنى في الآيات القرآنية أن المسيح استطاع إقامة الموتى مراراً.
ويقول الناقد إن ابن مريم لم يقدر أن يقوم بآية ما من تلقاء نفسه? بل الله هو الذي أيده بروح القدس ليستطيع أن يتمم مشيئة الله. وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ا بْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ ا سْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ - سورة البقرة 2: 87 -.
تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ا بْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ - البقرة 2: 253 -.
إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ا بْنَ مَرْيَمَ ا ذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ والْحِكْمَةَ والتَّوْرَاةَ والْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ والْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي,,, فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ - سورة المائدة 5: 110 -.
فيا للعجب! القرآن يشهد مراراً بتعاون الله مع المسيح وروحه القدوس! فالثلاثة اجتمعوا وتعاونوا في آيات المسيح في وحدة متكاملة. فقوة الله عاملة في ضعف جسد ابن مريم بسلطان إلهي.
الفتى الخالق
د - ونقرأ في القرآن أن المسيح وهو طفل خلق من الطين كهيئة الطير ونفخ فيه فأصبح حياً طائراً في الفضاء. أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرَاً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ والْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ - آل عمران 3: 49 -. نجد في هذه الآية العبارة المدهشة أخْلُقُ الدالة على أن المسيح هو خالق مقتدر. لا يقدر إنسان أن يخلق من العدم شيئاً? ولا أن يُعيد المادة الميتة إلى الحياة. إلا المسيح. ويشهد القرآن بقدرة المسيح الخالقة بواسطة نفخته المحيية. فنفخ في هيئة الطير فأصبحت طائراً حيّاً كما أن الله نفخ نسمته في آدم سابقاً. فكان المسيح قادراً أن يبث الحياة في الطين الميت.
الرزاق اللطيف
ه - لاحظت الجماهير قدرة ابن مريم فتبعته حتى إلى الصحراء ناسية المكان والزمان وباقية معه حتى الليل. فالقرآن يشهد بأن المسيح أنزل لأتباعه مائدة من السماء وسط الصحراء وأشبع أتباعه المخلصين.
إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ا بْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ ا تَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ قَالَ عِيسَى ا بْنُ مَرْيَمَ الَّلهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَاِئدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَا رْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ - سورة المائدة 5: 112-115 -.
يبحث البعض في نوعية أطعمة السماء على المائدة أكثر من أن يتعمقوا ببحثهم في شخصية وهّاب الهبة العجيبة. لقد أشبع المسيح حسب الإنجيل خمسة آلاف رجل ما عدا النساء والأولاد من خمسة أرغفة وسمكتين. فأظهر بذلك قدرته الخالقة بطريقة عملية. لم يتفوّه بكلام فارغ بل عمل ما قاله وشفى وفعل أعمالاً حقيقية.
كاشف الأسرار
و - استاء محمد من بعض أتباعه في المدينة? لأنهم خبأوا في بيوتهم أطعمة وكنوزاً ولم يشاركوا فيها المهاجرين من مكة? فأنذرهم قائلاً إن المسيح سيأتي عن قريب وسينبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم لأن له عيناً خارقة? ويبصر خلال الجدران ويخبر المنافقين بما يخبئون حسب قول المسيح في القرآن: وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ - آل عمران 3: 49 -.
يعرف المسيح الحقيقة ويقرأ أفكار القلوب? ويعلم أيضاً أسرارك بالتفصيل. وسوف يعلن لك أعمالك السيئة والصالحة. هو العليم بما في صدور الناس وليس أحد باراً أمامه.
المشرّع العظيم
ز - ونقرأ أيضا في القرآن أن المسيح حلل لأتباعه ما حُرم عليهم في شريعة موسى? ولم يأمرهم أن يحفظوا الشريعة كاملة. ويقول الإنجيل إن المسيح وضّح لحوارييه بخصوص أنواع الأطعمة أن ما يدخل في جوفهم لا ينجسهم بل ما يخرج من قلوبهم هو نجس. لأن من القلب تخرج أفكار شريرة: الزنى? القتل? البغض? الكبرياء? الكذب? الحقد? والطمع. لقد أعلن المسيح بهذا الانقلاب الفكري والشرعي أنه هو المشرّع الذي يحق له بسلطانه أن يكمل الشريعة. لقد أثبت القرآن هذا الامتياز الفريد موضحاً أن المسيح لم يعش تحت الشريعة لتنفيذها? بل إنه قائم فوقها لتكميلها. لقد كان موسى وكل الناس في العهد القديم يعيشون تحت الشريعة? وكان عليهم أن يتمموا الوصايا. أما المسيح فكان له السلطان أن يعدل الشريعة. وأعلن حسب الإنجيل: قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ.. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لَاعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إلى مُبْغِضِيكُمْ? وَصَلُّوا لِأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ - متى 5: 38 و44 -.
ح - طوبى لمن يُدرك أن المسيح ليس إنساناً عادياً ولا مجرد نبي بل هو المشرّع بسلطان الله. ولم يكن ابن مريم محتاجاً لأن يسأل أهل العهد القديم ما هي أسرار الناموس وما هي تفاصيل أحكامه كما أوحي لمحمد إذ كان في شك مما أنزل إليه - سورة يونس 10: 94 - أما المسيح فكان الشريعة المتجسد? وطلب الطاعة لنفسه. وهكذا قال:
اتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ - سورة آل عمران 3: 50 -.
فلم يرشد المسيح البشر إلى التسليم لله فحسب? بل طلب منهم أن يتبعوه مُطبّقين تعاليمه. لذلك يسمي القرآن تلاميذ المسيح بأحسن الألقاب: حواريّين? وأنصار الله? ومسلمين مؤمنين? وخاصة أتباعه. ونقرأ عن أتباعه في سورة الحديد. ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ا بْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ ا تَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً - الحديد 57: 27 -.
وفي سورة آل عمران إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ ا تَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ - آل عمران 3: 55 -.
فيظهر أن أتباع المسيح هم طبقة خاصة مميزة من البشر لأنهم متواضعون ولا يستكبرون? كما هو مكتوب في سورة المائدة: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ والَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ - المائدة 5: 82 -.
إن هذه الشهادة القرآنية تدل على أعظم آية من آيات المسيح انه لا يغير الأحوال السياسية والاجتماعية بواسطة حروب وحيل? بل يجدد خطاة عصاة ويغيرهم من أنانيين إلى محبين ومن أسياد متباهين إلى خدام الرب المتواضعين. كما أنه شخصياً لم يأت ليُخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين - متى 20: 28 -.
كل من يقارن آيات محمد بآيات المسيح يرى أن آيات محمد في القرآن هي كلمات كثيرة? ولكن آيات المسيح وعجائبه هي أعمال المحبة وخدمات الرحمة التي لا تُعدّ.
7 - موت محمد وموت المسيح
يروي ابن هشام في كتابه عن سيرة النبي أنّ محمداً مات بعد حمى شديدة? وقال إن سمّ اليهود كسّر قلبه. لقد دسّت امرأة يهودية السمّ في طعامه فمات الضيف عند محمد? ولكنه لاحظ السمّ وبصق الطعام قبل بلعه. إنما دخل قليل من السم في جوفه وأدى إلى وفاته. فمات محمد موتاً غصباً عنه على صدر زوجته عائشة في المدينة المنوّرة.
لم يمت المسيح حسب القرآن نتيجة لمرض أو حيلة من أعدائه? إنما الله تدخل في هذا الأمر حسب سورة آل عمران 3: 55 وقال للمسيح شخصياً: إني متوفيك ورافعك إليَّ - مع العلم أن هذه الحادثة غير معلنة في الإنجيل - فنستنتج من هذه الآية أن المسيح لم يمت موتاً عادياً? بل تُوفِّي حسب خطة الله ولطفه في السلام.
ولا ينكر القرآن موت المسيح التاريخي? خاصة إن قرأنا نبوة المسيح عن نفسه في سورة مريم 19: 33 حيث يقول: السَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ويَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً.
المسيح وُلد ومات وقام من قبره حسب القرآن? كما أخبرنا الإنجيل مسبقاً, وكل من يؤمن بهذه الحقيقة التاريخية يحيا مع الحي المقام من بين الأموات,
سوف لن يموت المسيح بعد رجوعه على الأرض لأنه لم يقل سوف أموت في المستقبل البعيد بل قال أموت في المستقبل القريب الحاضر. فالقرآن يعترف بولادة المسيح وموته وقيامته متتابعاً كما يشهد جميع المسيحيين متأكدين من تاريخية موت ابن مريم.
مات المسيح بإرادته في سلام تام. ونقرأ في الانجيل أن المسيح عرف كيفية موته مسبقاً وعيَّن اليوم والساعة لوفاته? في موعد طقوس عيد الفصح? فمات طوعاً لا غصباً كحمل الله الذي رفع خطية العالم.
8 - محمد والمسيح بعد موتهما
دُفن محمد في المدينة المنوّرة وقبره معروف حتى الآن. ويزوره ملايين من الحجاج سنويا مؤمنين أن عظام محمد لا تزال في قبره? وأن نفسه دخلت البرزخ وهو ينتظر يوم الدين العظيم.
أما المسيح فرفعه الله إليه. إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ - سورة آل عمران 3: 55 -. بَل رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ - سورة النساء 4: 158 -. فالله أخرج ابن مريم من قبره? وأصعده إلى نفسه? وهو من المقربين? وجيهاً في الدنيا والآخرة, إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ ا سْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ا بْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا والْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ - آل عمران 3: 45 -.
لقد وُجد قبر المسيح فارغاً لأنه قام حقاً كما أعلن مسبقاً. وأما عظام محمد فلا تزال في قبره. المسيح حي? وأما محمد فميّت. لم يقم بعد من الأموات ولم يصعد إلى جنة عدن حتى الآن. ما أعظم الفرق بين الموت والحياة! وكما أن الحياة أعظم من الموت? هكذا يكون المسيح أعظم من محمد. المسيح هو الحياة الأبدية بالذات.
9 - سلام محمد وسلام المسيح
ينطق جميع المسلمين عند ذكر اسم محمد بالعبارة صلى الله عليه وسلم. أَلَمْ يحلّ سلام الله على محمد بعدُ حتى ينبغي على الله والملائكة أن يصلوا عليه كما هو مكتوب في سورة الأحزاب? إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً - الأحزاب 33: 56 -. أَلَمْ يتبرَّر محمد بعدُ ويتمتع بالخلاص الأبدي بل ينقصه سلام الله حتى يكون فرض على جميع المسلمين في كل العصور أن يصلوا عليه ويسلموا?
أما المسيح فيشهد حسب القرآن: السلام عليّ يوم وُلدت ويوم أموت ويوم أُبعث حياً. فابن مريم هو رئيس السلام الذي عاش من بداية حياته إلى نهايتها في سلام مع الله وفي رضاه.
قد تمت ولادته من مريم العذراء حسب إرادة الله وقدرته? بدون خطية. فعمّ السلام لأجل تجسد كلمة الله حتى انفتحت السماوات وأنشدت الملائكة مرنمة: ا لْمَجْدُ لِلّهِ فِي الْأَعَالِي? وَعَلَى الْأَرْضِ السَّلَامُ? وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ - لوقا 2: 14 -.
مات المسيح موتاً حقيقياً. إنما لم يمت بسبب خطاياه? بل بسبب خطايانا نحن الخطاة? فاختبر المسيح حتى في موته السلام مع الله. جميع الناس يموتون بسبب خطاياهم الشنيعة لِأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ - رومية 6: 23 -. أما الله فسُرَّ بالمسيح لأنه صالَحَ القدوس مع البشر بموته النيابي عنهم. فتستقر مسرة الله على ابن مريم.
إنّ قيامة المسيح من بين الأموات هي أعظم برهان على براءته وقداسته. لو ارتكب المسيح خطية واحدة في حياته لوجد الموت فيه حقاً وقبضه مثل محمد. لكنه لم يرتكب خطية ولا شِبْه خطية? ولأجل ذلك غلب الموت? وترك قبره ظافراً.. فالمسيح حي? أما محمد فميّت. لذلك يشهد جميع المسلمين عند ذكر اسم المسيح السلام عليه شاهدين بأنه يحيا في السلام.
لقد اختبر محمد اضطهادات مُرة? وقام بالجهاد والحروب مراراً? وأمر بقتل أعدائه والمشركين والمرتدين. ا قْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ والْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَا قْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ - البقرة 2: 191 -.
فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَا قْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ - سورة النساء 4: 89 -.
فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى - سورة الأنفال 8: 17 -.
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ - سورة الأنفال 8: 39 -.
فَإِذَا ا نْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَا قْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَا حْصُرُوهُمْ وَا قْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ - سورة التوبة 9: 5 -.
فلم يأت محمد بسلام بدون جهاد? بل أمر بغزوات? واشترك بسفك الدماء لأجل السلام. فكان أمير المؤمنين والقائد السياسي المحنّك في الجزيرة العربية.
اضطهد اليهود المسيح بالعنف أيضاً. إنما لم يدافع عن نفسه بالسيف? ومنع أتباعه من سفك الدماء قائلا: من يأخذ السيف? فبالسيف يُؤخذ - متى 26: 52 -. فكل مسيحي يقاتل لأجل نصر المسيحية بالسلاح سافكاً دم الأعداء يدخل جهنم? لأنه يعصى ويخالف أمر سيده رئيس السلام. أما المسلم الذي مات في الجهاد فيرجو انتقاله إلى الجنة مبرراً. فيظهر جلياً أن المسيح وحده أسّس سلاماً حقيقياً دون قتال وحرب. بينما فرض محمد الجهاد والقتال مراراً على المسلمين. أما المسيح ففضل أن يسفك دمه الثمين عوضاً عن دم أعدائه? لكي لا يقتلهم. وصلى لأجل قاتليه: ا غْفِرْ لَهُمْ? لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ - لوقا 23: 34 -. فالمسيح هو المسالم والمسلم الحقيقي الوحيد إن اعتبرنا كلمة الإسلام والمسلم مشتقة من كلمة السلام.
10 - آية الله
يسمي الوحي حسب القرآن المسيح آية الله لأن الله جعله وأمه آية للعالمين. فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَا بْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ - سورة الأنبياء 21: 91 -. وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا - سورة مريم 19: 21 -. ولم يتلقَّ المسيح هذا اللقب الفريد من البشر بل من الله مباشرة? ولم يحصل على لقب آية الله لأجل دراساته العليا? بل كان منذ الولادة في هذه الصفة البارزة.
يعرف الإسلام? وخاصة الشيعة? علماء كثيرين يحملون اللقب آية الله. وغإلى الشيعة في إكرام آية الله خميني إذ قال البعض منهم إنه قائدهم والروح القدس.
يظهر أن للمسيحيين حسب القرآن آية الله خاص? كما أن الشيعة يدَّعون أن لهم آية الله. فما هو الفرق بينهما? إنما المسيح شفى المرضى وبارك الأعداء? وجعل سلاماً بين الله والبشر? وخلّص ملايين من عذاب يوم الدّين. أما آية الله خميني فحرض المسلمين لحربين مع العراق وفي أفغانستان فمات الملايين. وكان الخميني يوافق على قتل آلاف الأبرياء من أهل إيران وكان يلعن الغرب والشرق. ما أعظم الفرق بين آية الله المسيحي وآية الله الشيعي.
لقد اغتاظ علماء السُّنة من آية الله الخميني? لأنه قَبل ألقاباً لم يستحقها حتى محمد! فأجمع بعض العلماء من عدة بلدان عربية في مؤتمر بالدار البيضاء بقرارهم: إنه يجب على آية الله خميني أن يمنع أتباعه من أن يسموه روح الله أو روح القدس? وإلاّ فإنه يُحرم من الاسلام? لأنّ شخصاً واحداً في الدنيا والآخرة يستحق أن يسمي نفسه روح القدس ألا وهو ابن مريم المولود من روح الله.
إن كان آية الله خميني قائداً خاصاً للفُرس والشيعة أجمعين? فإنّ الله عيّن للمسيح بدعوة أوسع وسماه آية لجميع الناس. فليس ابن مريم آية الله للمسيحيين أو لليهود فحسب بل أيضا للهندوسيين والبوذيين والكنفوشيين وللملحدين وللمسلمين. فمن يتعمق في المسيح يدرك أنه آية الله الكامل لكل الناس.
11 - رحمة الله
نقرأ عن المسيح في القرآن أن الله يسميه: آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا - سورة مريم 19: 21 -. كما قال الله عن محمد: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ - سورة الأنبياء 21: 107 -.
إن كنا ندرك أن وحي محمد يختلف مبدئياً عن وحي المسيح? نرى أن مضمون الرحمة في هذين الرجلين يختلف أيضاً اختلافاً جذرياً. لقد كان محمد نبياً مسلماً? وعبداً لله? يُخبر بما أملاه الملاك جبرائيل عليه. أما المسيح فلم يكن نبياً ورسولاً فحسب? بل كان الوحيَ المتجسِّد? فلم يكن محتاجاً إلى وسيط كالملاك بل كان في ذاته كلمة الله الأزلي. فكما أن الفرق شاسع بين الوحي في الإنجيل والقرآن? هكذا تختلف رحمة محمد عن رحمة المسيح جوهرياً.
قد تم الوحي لمحمد بواسطة آيات القرآن وإعلاناته في الحديث وقدوته في السُّنة. واتحدت هذه الإلهامات في الشريعة مع أوامرها ومحرماتها منظمة جميع نواحي حياة الأمة الإسلامية. فتُنظم العبادات بالتفاصيل كالوضوء والصلاة والصوم والزكاة والحج وحتى الختان والدفن. وأما المعاملات فتُنظم جميع نواحي الحياة في العائلة والإرث والعقود والجهاد والعقوبات. فتُسير حياة المسلم حسب الشريعة. وهكذا ظهرت خلاصة رحمة الله للمسلم في إنشاء الشريعة.
يخبرنا الإنجيل أن الإنسان لا يتبرّر بحفظ الشريعة? لأنْ لا أحد أكمل فرائضها. وهكذا لم يُنفّذ مسلم ما الوضوء دون خطأ. وأهملت الأكثرية الصلوات الخمس. وكسر ملايين الصوم. وقدموا الزكاة بالحيلة. ولم يمارسوا الحج بدون هفوات. وكم من مرة أخطأ الرجل نحو زوجته وأولاده? وكم من عَقْد عُقِد بحيلة وخداع? وكم من مرة صدر من الشفتين كذب. وهل عُرف إنسانٌ بدون كبرياء وأنانية وحقد ونجاسة? فشريعة الله تدين الإنسان بأعماله ونياته. وخلاصة الشريعة هي الحكم على الإنسان الخاطئ لأجل الفشل والذنب والفساد. نعم? شريعة محمد نظمت حياة الأمة نظاماً شاملاً? كما أن شريعة موسى ركزت الحياة على الله في كل نواحيها? طالبة التسليم الكلي والخضوع للخالق. إنما الشريعة لن تبرر الخاطئ? ولن تحرر المذنب من ذنبه. فكل شريعة تحكم على الأثيم وتهلكه فبسبب الشريعة سيدخل الإنسان جهنم. الشريعة هي الدّيّان العادل ولا يستطيع أحد أن يرضيَها.
يتمنى كل تقي غفران الغفور? ويرجو المسلم أن ا لْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ - سورة هود 11: 114 ? وسورة 35: 29-30 -. ولكن بالحقيقة لن يحصل أحد من الأمة الإسلامية على الغفران النهائي الشامل قبل يوم الدين? لأن ليس عندهم بديل في الدينونة إلا الشريعة الحاكمة. لا ولن يوجد خلاصٌ في الشريعة? لا معنوياً ولا لغوياً? وسينال كل واحد في يوم الدين حسابه بسبب آثامه وفشله المبين. فالشريعة تدين أخيراً أتباعه. ولذلك اعترف النبي بأن جميع أتباعه سيدخلون جهنم حتماً. فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ والشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جَثِيّاً.. وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً - سورة مريم 19: 68 و71 -. إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ والنَّاسِ أَجْمَعِينَ - سورة هود 11: 119 - 120 -.
نعترف بأن المسيحي والهندي والبوذي والمسلم أشرار بطبيعتهم? لأن ليس أحد من البشر صالحاً ولا واحد. ا لْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللّ هِ - رومية 3: 23 -. إنما الله منح في المسيح رحمة خاصة لكل الناس? رحمة لا تدين الخطاة ولا تهلكهم? بل تنجيهم من غضب الله ودينونته العادلة - يوحنا 3: 17 و18 -.
لم يُلغ المسيح حفظ وصايا الله? وطلب من حوارييه إتمامها عملياً. إنما الهدف الأخير لمجيء المسيح ليس تعيين شريعة يستحيل تطبيقها? بل إعلان محبة الله للخطاة وتبريرهم المجاني. فعاش المسيح ما قاله? وأكمل الشريعة بذاته. وصار حمل الله الذي يرفع خطية العالم - يوحنا 1: 29 -. وأنبأ إشعياء النبي قبل ألفين وسبعمائة سنة موضحاً نيابة المسيح عنّا في دينونة الله: لَكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَاباً مَضْرُوباً مِنَ اللّ هِ وَمَذْلُولاً. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لِأَجْلِ مَعَاصِينَا? مَسْحُوقٌ لِأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلَامِنَا عَلَيْهِ? وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إلى طَرِيقِهِ? والرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا - إشعياء 53: 4-6 -.
خلص المسيح أتباعه من لعنة الشريعة? ونجاهم من حكم الدينونة في اليوم الأخير. وبرّر الذين يُقبلون إليه مؤمنين بتبريره. لقد صالَح المسيح البشر بالله? وأوجد سلاماً أبدياً. ويحرضنا الرسول بولس لقبول هذه الحقيقة الروحية كاتباً إلينا تَصَالَحُوا مَعَ اللّهِ. لِأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً? خَطِيَّةً لِأَجْلِنَا? لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللّهِ فِيهِ - 2كورنثوس 5: 20 و21 -. لذلك استطاع المسيح أن يُؤكد للمفلوج أمامه: ثق يا بُنيّ. مغفورة لكَ خطاياك. وأعلن أيضاً للخاطئة التائبة: مغفورة لكِ خطاياكِ. ويستمر المسيح بدعوته لكل تائب? نادم على إثمه? ويؤكد له: إنّ الله يحبك? لأني صالحتك به.
لم يرسل الله المسيح رسولاً إلى العالمين لينشئ شريعة ثقيلة يستحيل تطبيقها. كلا! إنما المسيح نفسه كان رحمة الله المتجسد? حين ظهرت فيه محبة القدوس للجميع. وأحب الخطاة? وبارك أعداءه? وشجع الفاشلين. فابن مريم هو رحمة الرحمن الرحيم. ويدل هذا اللقب على أنه جوهر من جوهر? وروح من الله في الجسد - سورة النساء 4: 171 -. فليس خلاف ولا فرق بينه وبين رحمة الله. لذلك أصبحت كفّارته النائبة عن البشر كله عرض من الله للهالكين. فكل من يقبل نعمة التبرير يتصالح مع الله? ويُبصر متأكداً أن المسيح حي? جالس عن يمين العظمة. فرحمة المسيح لا تديننا? ولا تهلكنا? بل أوجدت تبريراً عاماً? ونعمة خاصة? وسلاماً مع الله.
لا يعيش أتباع المسيح تحت شريعة موسى فيما بعد? ولا تحت شريعة محمد? بل يثبتون في نعمة الإنجيل. ويثبت القرآن هذا الامتياز بكل وضوح: وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ - سورة المائدة 5: 47 -. فالقرآن يحرر المسيحيين من الشريعة شرعياً? ويثبتهم رسمياً في نعمة الإنجيل? فإن رحمة المسيح تمنح سلاماً عاماً ونشاطاً روحياً في يقين الخلاص? وتقودنا لخدمات المحبة والرجاء اليقين.
12 - من هو الأعظم?
لا يناسب هذا السؤال الخطير هاتين الشخصيتين البارزتين لأنهما أعظم شخصيات في تاريخ البشر. فأتباع محمد يبلغون 1100 مليون مسلم بعد مرور 1370 سنة بعد الهجرة? بينما يبلغ الذين يؤمنون بالمسيح 1700 مليون بعد 1960 سنة من وفاته. وتأثر أتباعه من محبة مخلصهم حتى قبلوا لأنفسهم اللقب المسيحيون. لا دين آخر ولا حزب? لا فلسفة ولا مذهب جمع عددا أوفر مما جمع هذان الرجلان في مذهبهما. لهذا يقدّر التاريخ المسيح ومحمداً القمتين عبر العصور.
كان محمد منذراً لشعبه محتملاً الاضطهاد والحقد 12 سنة في مكة المكرمة. وتغير بعد الهجرة في سنة 622 م إلى شخصية بارزة ماهرة في السياسة والتشريع والجهاد حتى أصبح أمير المؤمنين وخليفة الله في أرضه للأمة الإسلامية.
أما المسيح فلم يقبل السؤال: من هو الأعظم? لأنه تواضع جداً? وقال إنه لم يأت ليُخدم بل ليخدم? كما أعلن أن الذي يريد أن يكون الأول يكون الآخِر? ومن يريد أن يترأس فليكن عبداً للجميع. فكل من يطلب العظمة لم يفهم المسيح وقصده بعد? لأنه اعترف بأنه وديع ومتواضع القلب. فالودعاء فقط هم الذين يرثون الأرض - متى 5: 5 -. وهكذا نقرأ عن المسيح أنه أصبح مذلولاً ومحتقراً وملعوناً مرفوضاً من أمته ومهاناً? حتى رفعوه على خشبة العار بأيدي الأثمة - اشعياء 53: 1-3 -. فالمسيح أراد وعاش إنكار النفس معنوياً وعملياً. قد سمى بطرس? مقدام رسله? شيطاناً مجرِّباً? عندما حاول أن يمنعه عن طريق الاحتقار والموت النيابي عن البشر - متى 16: 23 -. وأعلن المسيح تواضعه أيضاً بالنسبة لله وقال: لَا يَقْدِرُ الِا بْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلَّا مَا يَنْظُرُ الْآبَ يَعْمَلُ. لِأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَه ذَا يَعْمَلُهُ الِا بْنُ كَذ لِكَ - يوحنا 5: 19 -. وقال أيضاً: ا لْكَلَامُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي? ل كِنَّ الْآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الْأَعْمَالَ - يوحنا 14: 10 - واعترف المسيح ان الآب أعظم منه. فمجَّد اسم الآب وأنكر نفسه. كل من يريد أن يفهم المسيح? فلا بد أن يتواضع أولاً? ويسأل من هو الأصغر? وليس من هو الأعظم? لأن المسيح جعل نفسه أصغر الجميع? وأصبح خطية لأجلنا? لنصبح نحن بر الله فيه. لذلك بذل نفسه فدية عن الأشرار والمجرمين? ليتحرروا من دينونة الله? ويتغيروا إلى صورة محبته القدوسة.
مسابقة كتاب
1 - ماذا كان سؤال السجناء لخادم الرب؟
2 - ما هي صعوبة إجابة هذا السؤال؟
3 - ما هو الفرق الجذري بين ميلاد محمد وميلاد المسيح؟
4 - كيف يثبت القرآن براءة المسيح وضرورة استغفار محمد؟
5 - كم مرة يذكر القرآن اسم مريم ولماذا لا نقرأ اسم أم محمد؟
6 - لماذا يسمّي القرآن المسيح كلمة الله ست مرات وما هو معنى هذا اللقب؟
7 - ما هو الفرق بين آيات محمد وآيات المسيح في القرآن؟
8 - اذكر سبع عجائب للمسيح أبرزها القرآن؟
9 - ما هي ألقاب تلاميذ المسيح المذكورة في القرآن؟
10 - ما هو الفرق بين موت محمد وموت المسيح حسب النص القرآني والحديث؟
11 - أين يحيا المسيح اليوم حسب القرآن ولماذا يصلي جميع المسلمين على النبي؟
12 - ماذا يتضمن السلام الإسلامي وما هو السلام المسيحي؟
13 - هل تخلّص الشريعة أتباعها? ولماذا يكون على الله حتماً مقضياً أن يدخل جميع أتقياء الشريعة إلى جهنم؟
14 - من هو آية الله الحقيقي? ولماذا يستحق هذا اللقب الفريد؟
15 - ماذا تلهمنا العبارة أن المسيح هو رحمة منا؟
16 - مَن أظهر نفسه أصغر الجميع ولماذا؟
17 - كيف كان موقف خادم الرب أثناء إلقاء خطابه؟