حاشا للرحمن أن يكون له ولد
حوار بين مسلم وكاهن
بديع السماوات والأرض أني يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيئ وهو بكل شيئ عليم
سألت مرة قسيسا: " أسمعكم ترددون دائما في أحاديثكم عبارة ابن الله.
فهل من المعقول أن يكون للرحمن ولد؟"
ابتسم القسيس ونظر إلي قائلا: " نحن معشر المسيحيين نؤمن بأن الله لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد"،. فسرني هذا الجواب وقلت: " بارك الله فيك انك بالفعل تختلف عن المسيحيين الآخرين.
" لكنه اضاف موضحا: أنا لا اختلف عن المسيحيين الآخرين. فالمسيحيون يؤمنون بأن المسيح هو ابن الله. لكنهم يعرفون ان كلمة الابن هي كلمة مجازية روحية وليست جسدية كما يفهمها البعض. فكلمة ابن الله لا شأن لها بالولادة الطبيعية، لانه " بديع السموات والارض أني يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيئ وهو بكل شيئ عليم".
ثم أضاف قائلا: نحن نقول عن الشخص المصري بأنه ابن النيل، لكن هذا لا يعني بأن النيل قد تزوج وأنجب ولدا. لكنها تعني بأن هذا الشاب يحمل صفات أهل النيل. وعندما نقول عن الرجل البدوي انه ابن الصحراء فهذا لا يعني أن الصحراء قد أنجبت ابنا بل هذا يعني بأن البدوي يحمل صفات الصحراء وعندما نقول عن المسيح بأنه ابن الله فهذا يعني أنه يحمل صفات الله.
ربما تسأل هل يعتقد المسيحيون بأن انسانا يمكن ان يصبح الها؟ والجواب. حاشا وكلا للانسان ان يصبح الها. ولكن ان اراد الله أن يظهر نفسه بشرا سويا في جسم انسان فهو الله القادر على كل شيئ.
يقول المسيح للمرأة السامرية بأن " الله روح " والروح لا يُري ولا يُلمس، لذلك أراد الله الذي هو روح أن يُعلن نفسه. فأعلن لنا عن نفسه في المسيح.
فالمسيح اذا هو اعلان الله لنا.
يكتب لنا يوحنا الرسول بأن " الله لم يره احد قط الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَر" وبولس الرسول يكتب لنا ويقول: " ان الله كان في المسيح مصالحا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم " (2كورتنثوس 5: 19).
ويوحنا الرسول يعلن لنا اعلانا واضحا وصريحا اذ يقول: " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله.. والكلمة صار جسدا وحل بيننا. (يوحنا 1: 1،14).
ان عبارة ابن الله ليست من اختراع بشر وليست هي من تعليم العهد الجديد فقط بل ورد ذكرها في العهد القديم ايضا. واليك النصوص التالية:
في سفر المزامير الاصحاح الثاني والعدد الثامن يقول الله " اني اخبر من جهة قضاء الرب. أنت ابني أنا اليوم ولدتك." والمقصود من قوله " انت ابني" أي انت ابني منذ الازل. ثم يضيف إلي ذلك بقوله في العدد الثاني عشر: " قبَلوا الابن لئلا يغضب فتبيدوا من الطريق.. طوبي لجميع المتكلين عليه." وبما ان حرف الهاء في كلمة عليه تعود إلي الابن فتكون الجملة " طوبي لجميع المتكلين علي الابن" ثم في سفر الامثال يسأل النبي أجور اربعة اسئلة ومن بينها السؤال عن الله فيقول: " مااسمه وما اسم ابنه ان عرفت." (أمثال 30: 4) ثم اشعياء النبي يعلن عن صفات هذا الابن الفريد بقوله: " لانه يولد لنا ولد ونعطي ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعي اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام." (اشعيا 9: 6).
لقد كانت امنية الناس ان يروا الله وجها لوجه. فيسأل موسي النبي الله قائلا: " أرني مجدك" فقال له الله. " لا تقدر ان تري وجهي لان الانسان لا يراني ويعيش" (خروج 33: 20) وفيليبس يسأل المسيح " أرنا الآب وكفانا" فقال له المسيح. " أنا معكم زمانا هذه مدته ولم تعرفني يا فيليبس؟ من رآني فقد رأي الآب لاني أنا في الآب والآب في." (يوحنا 14: 9 " من رآني فقد رأي الآب" فالابن الذي هو كلمة الله المتجسد جاء في ملء الزمان ليخبَر ويعبَر عن كُنه الله وصفاته وهذا ما أيده الرسول بولس عندما كتب لنا في رسالته الي العبرانيين (عبرانيين 1: 1) الله بعدما كلم الآباء بالانبياء.. كلمنا في هذه الأيام الاخيرة في ابنه. فالمسيح اذا هو كلمة الله الذي خبَر وعبَر عن صفات الله " ثم يقول في رسالته الي اهل كولوسي (2: 9) بأن فيه (اي في المسيح) يحل كل ملء اللاهوت جسديا. ثم في الرسالة الثانية الي تيموثاوس (3: 16) يكتب ويقول: " عظيم هو سر التقوي الله ظهر في الجسد"
واشعياء النبي الذي تنبأ عن ولادة المسيح من العذراء المطوبة مريم بقوله: " هالعذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل " (اشعياء 7: 14) وكلمة عمانوئيل تعني " الله معنا.. الله حل بيننا " لقد اراد الله ان يعلن لنا ذاته وصفاته فحل في ال عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا.
في انجيل متي 22: 44 يسأل المسيح الفريسيين قائلا: " ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟ فقالوا ابن داود. فقال لهم: " كيف يدعوه داود بالروح ربا. قائلا: قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى اضع أعداءك موطئا لقدميك. فان كان داود يدعوه رباً فكيف يكون ابنه؟ فلم يستطع احد ان يجبه بكلمة. " غير ان يوحنا الرسول يجيب على هذا السؤال في سفر الرؤيا (22: 16).. " أنا يسوع.. أنا أصل وذرية داود كوكب الصبح المنير. " فالمسيح من وجهة ناسوته هو من ذرية داود ولكن من جهة لاهوته فهو أصل داود.
فالمسيح اذا يحمل صفات الله وصفات الانسان لذلك سمي ابن الله وابن الانسان. فهو ابن الله في لاهوته الأزلي وابن الانسان في ناسوته البشري
نعم: لقد جاع كابن الانسان ولكنه كابن الله أشبع الخمسة آلاف نسمة من الخمس خبزات والسمكتين. لقد تعب كانسان ولكنه كابن الله قال: " تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم" (متى 11: 28) لقد نام في مؤخرة السفينة كانسان وكانت الرياح تضرب السفينة حتى كادت تغرق ولكن عندما ايقظوه قام وانتهر البحر والريح فصار هدوء عظيم " فخاف التلاميذ وقالوا بعضهم لبعض من هو هذا فان الريح ايضا والبحر يطيعانه" (مرقس 4: 41)
هل سألت نفسك لماذا المسيح وحده دون سواه يختلف عن سائر البشر؟
فهو الفريد في ولادته العذراوية وأعماله المعجزية وحياته القدسية وذبيحته الكفارية وقيامته التبريرية. وتتميمه للكتب النبوية.
لقد تنبأ اشعياء النبي عن موت المسيح النيابي قبل حدوثه بسبعمئة سنة بقوله: " لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا. وهو مجروح لاجل معاصينا مسحوق لاجل آثامنا.. كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد الي طريقة والرب وضع عليه اثم جميعنا. ظُلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق الي الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه.. انه ضُرب من اجل ذنب شعبي وجُعل مع الاشرار قبره ومع غني عند موته. على انه لم يعمل ظلماً ولم يكن في فمه غش. اما الرب فسرَ بأن يسحقه بالحزن اذ جعل نفسه ذبيحة اثم.. انه سكب للموت نفسه واحصي مع أثمة وهو حمل خطايا كثيرين وشفع في المذنبين." (اشعيا 53: 5-12). ثم في المزمور الثاني والعشرون يتنبأ دود النبي عن صلب المسيح قبل حادثة الصلب بألف سنة بقوله: " ثقبوا يديَ ورجليَ. احصي كل عظامي وهم ينظرون ويتفرسون فيَ. يقسمون ثيابي بينهم وعلى لباسي يقترعون." (مزمور 22: 16-18).
لقد تجسد الابن الأزلي لكي يموت على الصليب ويدفع اجرة الخطية عن الجنس البشري. لانه كما بمعصية الانسان الواحد (آدم) جُعل الكثيرون خطاة. هكذا باطاعة الواحد (المسيح) سيُجعل الكثيرون ابرارا. لانه كما في آدم اخطأ الجميع وأهين الله هكذا في المسيح وفي موته النيابي استوفت العدالة الالهية حقها وتمجد الله.
واخيراً أريد أن اوضح بالقول بأن الله يطلب من كل انسان ان يعمل المعروف وينهي عن المنكر.
لنبدأ أولاً بلب المشكلة ما هو الثالوث ببساطة؟
أحب أن أنوه أولاً أن عقيدة الثالوث لم يأتي بها أحد من بيته بل هي موجودة في لب الكتاب المقدس
الثالوث ببساطة هو: الله وكلمته وروحه
الله هو الآب
الكلمة هو الابن
الروح هو الروح القدس
هذا ببساطة
_ كيف دعي الابن والروح القدس ب(الله)؟
لأنهما من نفس جوهر الله والجوهر هو الطبيعة
وكيف ذلك؟
لأن كلمة الله تصدر من الله نفسه وتستقر فيه إذ لا مكان لا يوجد فيه الله والكلمة داخلية وخارجية بالنسبة للإنسان أما بالنسبة لله فليس ما هو داخل الله وليس ما هو خارجه لذلك فالكلمة الداخلية هي الخارجية لذلك دعى أحد المفكرين المسلمين(القرطبي) كلمة الله بأنها ذات فكر الله وفكر الله من نفس جوهر الله وكل من له جوهر الله أي (اللاهوت) يدعى ب (الله) وكذلك الأمر بالنسبة للروح القدس الذي يصدر عن الله ويستقر فيه لأن الروح هو الحياة وروح الله هو حياته لكن بما أن هذه الصفة أي صفة الحياة ذاتية عند الله (يعني تختص بوجوده) وهي صفة قائمة بذاتها وجب أن يحملها شخص أو أقنوم وهذا الأقنوم واحد مع الله في جوهر واحد لأن حياة الله لاتنفصل عنه وإلا لكان من الممكن أن يموت الله وحاشا له مثل هذا التجد يف وهكذا الأمر بالنسبة لأقنوم الابن الذي يحمل الصفة الذاتية الثانية عند الله وهي (العقل أو الفكر) وأما الصفة الأولى الذاتية عند الله فهي (الوجود) وهي أصل كل شيء أصل الكلمة والروح والخليقة جمعاء ويحملها أقنوم الآب
لكن ما هو الأقنوم؟
تجنبت الكنيسة استخدام لفظة (شخص) بالنسبة للثالوث كي لا يفهم لفظها بأنه (ثلاثة آلهة) بل استبدلتها بلفظة (أقنوم) التي تعني (الجوهر القائم بكيان) أو (الكيان الحامل لجوهر) لأن الجوهر بحاجة إلىكيان ما يظهره فالإنسانية لا تظهر إلا بوجود إنسان يحملها وهكذا اللاهوت
وأحب أن أنوه إلى أن كلمة(الله)تتألف من جزئين وهما:
ال له والتي تعني بالحرف
ال إله
لكن تم إدغام (مزج) الألف باللام وذلك من أجل تمييز اسم الإله الحقيقي عن أسماء الآلهة الكاذبة
ومن هنا كلمة (ابن الله) التي تعني حرفياً (ابن الإله)
لأن الكثير إن لم يكن كل المسيحيين يعتقدون أن اسم الآب هو الله وبما أن الآب ليس هو المسيح فالمسيح ليس الله ناسين تماماً أن كلمة(الله)هي كلمة تدل على طبيعة وليس على شخص فكلمة(الله) مثل كلمة (الإنسان) فهل يقال مثلاً أن فلان ليس إنسان لأنه ابن إنسان هذا جهل واضح
كيف يكون هناك ثلاثة أشخاص موجودين في كيان واحد أو إله واحد؟
الحقيقة أنهم ثلاث صفات جوهرية قائمة كل منها بحد ذاتها في جوهر واحد
ونحن لا نزيد على ذلك بل نعتمد على التشبيه والتصوير لتقريب الفكرة وأما الحقيقة كما هي كاملة لا نستطيع أن نجدها لأنها أعلى وأقوى من العقل لذلك نصلي أن يعلن الله لنا هذه الحقيقة في مجيئه الثاني وهذا رجاؤنا الوحيد
الله يشبه النار فالنار لها ثلاثة أشياء: مادة النار _ النور _ الحرارة وهذه الأشياء متحدة في جوهر واحد وهو طبيعة النار
فنطلق على مادة النار اسم النار لأنها متحدة بالنور والحرارة وبغير هذا الاتحاد لا قيمة لها ولا تسمى ناراً
ونطلق على النور اسم النار لأنها متحدة بالمادة والحرارة وبدون هذا الاتحاد لا وجود للنور أصلاً لأنه متولد من المادة ومستقر في الحرارة
ونطلق على الحرارة اسم النار كذلك لأنها متحدة بالمادة والنور وهي صادرة عن المادة ومستقرة في النور ويصبح مصيرها كمصير أختيها في حال انتهاء هذا الاتحاد
لذلك فإننا نشبه الآب بالمادة والابن بالنور والروح القدس بالحرارة
وبمكن التشبيه أيضاً: بثلاث شمعات متحدة في نار واحدة
وهناك الكثير من التشابيه في الطبيعة لأن الله لم يترك للعقل شيئاً يحتاجه
وأحب أن أختم بأنه مهما كان المسيحيون قادرين على فهم عقيدة الثالوث المقد سة بالعقل فإنهم لن يرضوا إلا أن يقبلوا بها بالإيمان وهذا هو خلاصنا الذي نعيش فيه أن نؤمن أن يسوع المسيح رب وأن الله أقامه من بين الأموات فشكراً لله الثالوث على نعمته فلتكن معكم نعمة يسوع المسيح. آمين