لاهوت المسيح فى القرآن
هل ينكر القرآن لاهوت المسيح؟
نقطة الخلاف الكبرى بين النصرانية والإسلام ؛ أعني ألوهية المسيح . وهو الخلاف الوحيد، أو يكاد، بين الإنجيل والقرآن . ونظن أنه على كل حال، خلاف ظاهري، لا حقيقي ولا جوهري، لاختلاف وجهات النظر إلى الموضوع الواحد في كتابين . حيث أن القرآن كتاب تعليم ابتدائي لقوم بدائيين عن توحيد الله، فلا يطلب منه في المحيط الذي نزل فيه، أبحاثاً أو حقائق عن " ذات الله " ؛ قبل أن يعرفوا ما هو الله في ذاته، يجب عليهم أن يوحدوه، وهذا جل ما يسعى إليه القرآن، فلا يجوز أن نطلب منه أكثر مما يريد . ونقلوا حديثاً شريفاً: " البحث عن ذات الله كفر " . وفي إهمال القرآن لعقائد النصارنية الخاصة أو في نكرانها، ألا ينسجم مع موقف فرق نصرانية عاصرته: " كالآريوسية، والنسطورية "، أو تعاصرنا ك " شهود يهوه" .
فالألوهية التي ينكرها القرآن على المسيح ليست بالتي ينسبها الإنجيل إليه . والتثليث الذي ينكره القرآن ليس بالتثليث المسيحي . والألقاب التي يصف بها القرآن المسيح هي أقرب إلى الخالق منها إلى المخلوق .
ألوهية المسيح التي ينكرها في القرآن
ينكر القرآن أشد الإنكار تعدد الآلهة، بناء على شهادة الأنبياء المتعاقبين: " وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا، اجعلنا من دون الرحمن آلهة يُعبدون" (الزخرف: 45)، ومنطق العقل البديهي: " قل لو أن في السماء والأرض إلهين لفسدتا" (الأنبياء: ) . ويشهد للتوحيد الخالص في كل صفحاته: " شهد الله أنه لا إله إلا هو، والملائكة وأولو العلم – قائماً بالقسط – لا إله إلا هو العزيز الحكيم " (آل عمران: 18) .
ينفي القرآن الولادة في الله، ولا يقدر أن يتحمل تأليه أحد مع الله، بولادة أو بسواها: " قل هو الله أحد، الله الصمد! لم يلد ولم يولد! ولم يكن له كفؤاً أحد " (سورة الاخلاص) . لا تناسل فيه، ولا مثله أحد يتخذه ولداً، فوحدانيته لا يشاركه فيها أحد ز
وينكر أشد الإنكار بنوة أي مخلوق من الله: " وقالوا اتخذ الله ولداً! سبحانه بل له ما في السموات والأرض، كل له قانتون . بديع السموات والأرض، وإذا قضى أمراً فإنما يقول له: كن فيكون" (البقرة: 117) . لا يمكن للإله أن يكون مخلوقاً، ولا يمكن للمخلوق أن يصير إلهاً، بالبنوة أو بالتبني: " وقالوا: اتخذ الرحمن ولداً! – لقد جئتم شيئاً إدا تكاد السموات يتفطرن منه، وتنشق الأرض، وتخر الجبال هدا: أن دعوا للرحمن ولدا! وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا \ح \غن كل من في السموات والأرض إلا أتى الرحمن عبدا " (مريم: 88 – 93).
ينكر حتى البنوة المعنوية التي يدعيها اليهود والنصارى لأنفسهم من الله: " وقالت لليهود والنصاري: نحن أبناء الله وأحباؤه! - قل فلم يعذبكم بذنوبكم؟ بل أنتم بشر ممن خلق" (مائدة 20). وينكر هذه البنوة المعنوية حتي في الأنبياء والملائكة: "ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً! أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون؟" (آل عمران 80) لأنها تقود إلي الشرك: "وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً!... وجعلوا له من عباده جزءاً: إن الإنسان لكفور مبين" (زخرف 15 و 19).
حتي عيسي ابن مريم، رسول الله وكلمته وروحه، لا يمكن لله أن يتخذه ولداً أو يصير إلهاً، لأن كل مخلوق عبد لله بطبيعته. "لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون" (نساء 172) فبتأليه عيسي "ضاهي" النصاري قول الذين كفروا من قبل من المشركين: "وقالت الناصري: المسيح ابن الله! ذلك قولهم بأفواههم، يضاهئون قول الذين كفروا من قبل: قاتلهم الله أني يؤفكون" (توبة 31).
وأما الأسباب التي دعت إلي هذا التكفير والنكران فتنحصر في نظريتين:
1) النظرية الأولي أن كل نبوة أو ولادة تنسب إلي الله لا يمكن أن تكون إلا جسدية تناسلية: "بديع السماوات والأرض، أني يكون له ولد ولم تكن له صاحبة" (انعام 101): لا يفهم القرآن البنوة والولادة، أياً كانت إلا بزوجة وزواج. فكل بنوة عنده هي مخلوقة بشرية جسدية تناسلية. فهو يجهل البنوة المعنوية أو ما يسمي التبني الإلهي. وهو يجهل أيضاً مفهوم الولادة المجردة، لأن الولادة بحد ذاتها هي انحدار حي من حي انحداراً ينتج عنه، بفعله الذاتي، مشابهة تامة في الطبيعة. وهذا الانحدار قد يكون جسدياً كما في الإنسان، وقد يكون عقلياً كالذي يسنده الإنجيل إلي المسيح.
2) والنظرية الثانية، المنبثقة عن الأولي، هي امتناع الصاحبة والولد عند الله لأنه "اتخاذ" لا تناسب فيه ولا تكافؤ في طبيعة الآخذ والمأخوذ: "وأنه تعالي جد ربنا: ما اتخذ صاحبة ولا ولداً" (الجن 3) تنزه جلاله وعظمته عما نسب إليه من الزوجة والولد (الجلالان). لذلك ينتفي تأليه المسيح أو غيره لأنه "اتخاذ": "ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً (آل عمران 80)، اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، والمسيح ابن مريم (توبة 32) ذلك عيسي ابن مريم، قول الحق، الذي فيه يمتزون: ما كان لله أن يتخذ من ولد، سبحانه" (مريم 34).
ويساوي القرآن بين تأليه المسيح وتأليه آلهة العرب: كلاهما اتخاذ وضم "جزء" خارج عن الله إليه تعالي! "وجعلوا له شركاء الجن وخلقهم! وحرقوا له بنين وبنات بغير علم، سبحانه وتعالي عما يصفون! بديع السموات والأرض أني يكون له ولد ولم تكن له صاحبة" (انعام 100 - 102)، "وقالوا اتخذ الله ولداً! سبحانه، بل له ما في السموات والأرض، كل له قانتون، بديع السماوات والأرض، وإذا قضي أمراً فإنما يقول له كن فيكون" (بقرة 117 و 118)، نزلت لما قال اليهود "عزير ابن الله" والنصاري "المسيح ابن الله" ومشركو العرب "الملائكة بنات الله" (البيضاوي).
وفسروا فلسفة استحالة الاتخاذ، استناداً إلي قوله (بقرة 117 وانعام 101)، "وفي الآية استدلال علي نفي الولد من وجوه: 1) إن من مبدعاته السماوات والأرضون وهي مع أنها من جنس ما يوصف بالولادة مبرأة عنها لاستمرارها وطول مدتها فهو أولي بأن يتعالي عنها. 2) إن المعقول من الولد ما يتولد من ذكر وأنثي متجانسين والله تعالي منزه عن المجانسة. 3) إن الولد كفؤ الوالد، ولا كفؤ له بوجهين أن كل ما عداه مخلوق فلا يكافئه، وإنه لذاته عالم بكل المعلومات ولا كذلك غيره. بالإجماع" (البيضاوي). فهم أيضاً لم ترق أحلامهم إلي ما فوق الولادة الجسدية الجنسية التناسلية.
وفسر القرآن استحالة التأليه، والاتخاذ إلهاً مما خلق بقوله: "وجعلوا له من عباده جزءاً: إن الإنسان لكفور مبين" (زخرف 15). فالاتخاذ والتأليه يصم إلي الله "جزءاً" خارجاً عنه ... وهكذا تفهم حملة القرآن العنيفة الصاخبة علي فكرة البنوة والولادة منسوبة إلي الله.
ولكن ليس من "مضاهاة بين بنوة عيسي من الله، وبنوة عزير عند اليهود، وبنوة آلهة العرب المشركين:
فبنوة آلهة العرب تناسلية: وقد فهم القرآن "قومه" علي حقيقتهم. فلا بدع أن ينتفض القرآن لهذه الفكرة السمجة تنسب إلي الله: فما اتخذ صاحبة ولا ولداً (جن 3) وقالوا اتخذ الرحمن ولداً! لقد جئتم شيئاً إداً، تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً: أن دعوا للرحمن ولداً" (مريم 88).
وبنوة عزير عند اليهود معنوية قد تجرهم إلي مشاكلة المشركين "فيضاهئون" بقولهم قول الذين كفروا من قبلهم (توبة 31).
ولكن بنوة عيسي في الإنجيل ليست تناسلية، وليست معنوية. بل هي بنوة روحية محضة من ولادة عقلية محضة:
للمسيح في الإنجيل اسمان: اسم شعبي تفهمه الجماهير: ابن الله وابن الإنسان، واسم علمي فلسفي لاهوتي أوحي به الله في مطلع إنجيل يوحنا يبين طبيعة هذه النبوة: إنه كلمة الله: "في البدء كان الكلمة والكلمة كان لدي الله، وكان الكلمة الله: به كون كل شئ وفيه كانت الحياة" (1: 1 - 4). وهذا الاسم يشرح معني بنوة المسيح من الله وفي الله: بما أنه كلمة الله فبنوته فكرية عقلية، لا علاقة لأي جسد فيها، بل هي قبل كل جسد, وبما أن الله روح محض، وعقله روح محض، وفكره وكلمته روح محض، فالولادة روحية من جوهر الله وفيه، لا يشاركه فيها أحد. وهكذا يسمي الإنجيل التفاعل الجوهري الإلهي "ولادة" والتسلسل العقلي الإلهي "بنوة" بلغة بشرية يفهمها جميع الناس: فكلمة الله هو ابن الله، وابن الله هو كلمة الله. ولا علاقة لمريم أو لمخلوق بهذا التفاعل والتسلسل الإلهيين.
وليس في هذا "اتخاذ" بضم جزء من خارج الله إلي الله، أو تأليه برفع مخلوق إلي منزلة الخالق وطبيعته، أو تناسل جسدي باستيلاد الله عيسي من مريم، فالله لا جسد له! بل جل ما في ذات الله من سر الحياة السرمدية والوجود الفياض، أنه في الجوهر الإلهي الفرد تفاعل روحي وتسلسل عقلي في الله، ومنه، ومعه: فكلمة الله هو فكر الله الناتج عن عقل الله في جوهره الروحي نتوج الابن عن أبيه، ولذلك يجوز بكل حق أن نسمي الله "أباً" وفكره الجوهري "ابناً".
وإذن فالألوهية التي ينفيها القرآن عن المسيح ليست بالألوهية التي يثبتها الإنجيل له. والبنوة التي يسندها الإنجيل إلي المسيح ليست كالتي ينفيها القرآن عنه.
إن بنوة عيسي في القرآن تناسلية جسدية، كأن الله اتخذ مريم صاحبة واستولدها عيسي: "ذلك عيسي ابن مريم قول الحق الذي فيه يمتزون: ما كان لله أن يتخذ من ولد!" (مريم 59). والقرآن علي حق حين يسمي مثل هذه الولادة السمجة، منسوبة إلي الله، افكاً: " ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، وأمه صديقة، كانا يأكلان الطعام! أنظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أني يؤفكون" (مائدة 78). والقرآن علي حق حين يسمي بنوة كهذه كفراً: "لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم: قل فمن يملك من الله شيئاً إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعاً" (مائدة 19).
إن ألوهية عيسي التي ينكرها القرآن تستند إلي هذه البنوة الجسدية والولادة التناسلية، ومن ثم فلا بدع أن يثور ويصيح: "لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم!" (مائدة 19 و 75) كأن الإنسان ابن مريم صار الله!! أو كأن الله استحال عيسي ابن مريم!! لذلك ينزه القرآن المسيح عن ادعاء تأليه كهذا: "ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله" (آل عمران 79)، فحسب المسيح فخراً أن يكون عبداً لله: "لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله - ولا الملائكة المقربون"! (نساء 172).
وقصاري القول ليست لاهوتية المسيح كتأليه المشركين لآلهتهم. وليست بنوة المسيح العقلية الروحية في الله كبنوة وولادة الآلهة المتألهين من الله. هذه غارقة في اللحم والدم، والجسد والصاحبة، في دنيا المحسوسات، وتلك ضمن الجوهر الإلهي الفرد، الروح المحض، والعقل المحض، في عالم الأزل قبل الزمان والمكان، وقبل المحسوسات والمعقولات والأجساد والأرواح: "في البدء كان الكلمة! والكلمة كان لدي الله! وكان الكلمة الله" (يو 1: 1).
وهكذا فليست البنوة الروحية التي ينسبها الإنجيل إلي المسيح مثل البنوة الجسدية التي ينفيها القرآن عنه. وليست الآلهية التي يثبتها الإنجيل للمسيح، روح الله وكلمة الله، مثل التأليه الذي يستنكره القرآن فيه، ولا هي "الاتخاذ" الذي يضم إلي الله "جزءاً" ليس منه.
حاول وقد نجران إلي النبي الجديد، بعد أن أنسوا منه اعترافه بنبوة عيسي، أن يحمله علي الإقرار ببنوته أيضاً، واتخذوا من ولادته البشرية المعجزة من مريم بلا أب دليلاً علي ولادته الإلهية من الله دون أم أو علاقة مخلوق. فأجابهم ولادته المعجزة من مريم بلا أب ليست أغرب من خلق آدم بلا أب وأم معاً: "إن مثل عيسي عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون: الحق من ربك فلا تكن من الممتزين ... إن هذا لهو القصص الحق" (آل عمران 59 - 63).
وأردف يقول: هذا المعجز الحقيقي في ميلاد المسيح لا يرفعه إلي رتبة الألوهية لأن الصدور عن الله لا يكون إلا بخلق، ويستحيل علي مخلوق أن يتخذه الله إلهاً من دونه: "ذلك عيسي قول الحق الذي فيه يمتزون: ما كان لله أن يتخذ من ولد! سبحانه! إذا قضي أمراً فإنما يقول له كن فيكون" (مريم 34 - 36).
السؤال قاصر، والجواب قاصر، ولا غرابة في ذلك: فالبيئة لا تحتمل أكثر!
خلطوا بين البنوة بالصدور والبنوة بالاتخاذ، وهذه مستحيلة إذ كيف يمكن أن يصير إلهاً من هو بشر يأكل الطعام كالحيوان! "ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة: كانا يأكلان الطعام! .. (مائدة 78).
وشابه قوم من نصاري العرب حال مريم بحال ابنها فألهوها، فاستفظع ذلك منهم، ووصل الاستغراب إلى الله عز وجل فاستجوب عيسى عن ذلك: " إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله؟ قال: سبحانك! ما يكون لي أن أقول ما ليس بحق!" (المائدة: 119). فالقضية في القرآن هي دائماً قصة " تخاذ " و " تأليه" دون تمييز بين حال وحال . وليس تأليه عيسى وأمه منه بل من بعض أتباعه كما يظهر من جواب المسيح لله في يوم الدين (المائدة: 119 – 122)، وهو " غلو " من قوم ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً . لذلك يعتبر القرآن اعتقاد النصارى في ألوهية المسيح " غلواً " منهم في دينهم لا غير، ويرد عنهم: " يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق، إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، فآمنوا بالله ورسله" (النساء: 170) ؛ فلا تتبعوا أهواء من سبقكم: " قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً، وضلوا عن سواء السبيل" (المائدة: 80) . لذلك يدعوهم إلى التوحيد الخالص: " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا أرباباً من دون الله " (آل عمران: 62).
ذلك هو اعتقاد القرآن في ألوهية المسيح كما فهمها بعض نصارى العرب الجُهال ؛ وهو بعيد كل البعد عن تعليم الإنجيل وإيمان النصارى: فليست ألوهية المسيح عيسى تأليهاً ولا اتخاذاً! هذا مستحيل!
وليست بنوته العقلية والروحية في جوهر الله الفرد بنوة مخلوقة بشرية جنسية تناسلية . كل بنوة من هذا النوع منسوبة إلى الله افك وشرك وكفر! (التوبة: 31 – 33) . كأن الله اتخذ مريم إلاهه صاحبة واستولدها عيسى إلهاً من دون الله! إن مجرد فكر كهذا لكفر محض، كفر لا يقول به إلا من \أوغل في الهمجية، وما قدر الله حق قدره! يُنزل الخالق منزلة المخلوق! وينسب اللاهوت لغير الله! يا قوم ألا رحمة بعقولكم وعقولنا! نحن أعقل من هذا! وأنتم يجب أن تكونوا أعدل من هذا!
أجل لقد كفر الذين جعلوا الملائكة والنبيين أباباً من دون الله! (آل عمران: 80) .
أجل لقد كفر الذين اتخذوا الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله! (التوبة: 32).
أجل لقد كفر الذين قالوا: عزير ابن الله! " (التوبة: 31) .
أجل "لقد كفر الذين قالوا: أم المسيح إلاهه من دون الله أو مع الله!" (المائدة: 120) .
أجل " لقد كفر الذين قالوا: أن الله هو المسيح عيسى ابن مريم " (المائدة: 19 و 75) إذ جعلوا المسيح إلهاً آخر دون الله!
أجل " لقد كفر الذين قالوا: أن الله ثالث ثلاثة " (المائدة: 76) أي الالهة ثلاثة! أو الذات الإلهية ثلاث!
أجل لقد كفروا: فالذات الإلهية واحدة، والجوهر الإلهي فرد أحد! وليست بنوة " كلمة الله " منه تعالى جسدية، ولا معنوية، ولا اتخاذاً، ولا تبنياً، ولا تأليهاً، حتى ولا إلهية بمعنى غريبة عن جوهر الله الفرد، ومن خارج الذات الإلهية الواحدة. فالمسيح " روح الله " وبنوته روحية في الله ذاته . والمسيح " كلمة الله " وبنوته عقلية .
وهكذا فالخلاف على ألوهية المسيح بين الإنجيل والقرآن خلاف ظاهري ؛ وليس بينهما خلاف جوهري لاختلاف وجهات النظر . ليست ألوهية عيسى ابن مريم تلك الألوهية الكاذبة التي حاربها القرآن عند نصارى العرب الأميين الجاهلين بألوهية المسيح الحقة التي يعلمها الإنجيل . واعتقد أنه وصل تعليم الإنجيل إلى محمد سالماً لاعتنقه ودان به: " قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين " (الزخرف: 81).